الأحد، 19 مايو 2019

حال الدنيا ....بقلم المبدع سفير الهمس عبدعلي القريشي



حال الدنيا
سفير الهمس
عبدعلي القريشي
&&&&&&&&&&
أراني ومنذ زمن
كحطابٍ في ليلة شتاءٍ قارسة
البرد
محدودب الظهر
فلما نظرت الى موقدي
وجدته خاليا ً من الحطب
والليل قد خيم َ بوجوده دونما نوراً للقمر
والسماء ملبدة بغيومها
مدلهمةً وكأن غيثها سيسقط بغزارة
فأستعجلت الخروج من الدار
لعّلي أحتطب ولو قليلا
كي أملأ موقدي من جديد
لأشعر بالدفأ
وتسكن أوجاعي وألملم
شتات ماتبقى مني
حملت حبلاً صنعته من جلابيبي القديمة
وفأسي الذي مابرحتُ افارقه كل شتاء
وكأنه هو السبب والوسيلة لبقائي متماسكا ً وأشعر بوجودي كلما أحتطبت بأني لازلت على قيد النبض والحياة
فتوجهت نحو الباب لأفتحه
واذا بريحٍ عاتية تدفعني وأقاومها بشراسة
فتمكنت من الخروج بشق الأنفس
فلما توسطت الطريق
بتُ على مسافة وسطية تفصلني عن بيتي والغابة التي أروم الوصول اليها
كنت أحمل الفأس بيميني
والحبل معلقاً على كتفي
وأحمل بيساري فانوساً ورثته عن أبي
يساعدني في طريقي
كوني أمسيت ضعيف البصر
فبدأت السماء ترعدُ بشكل مخيف جداً
ويكاد البرق يحرق مهجتي
وكأنه يستهدفني
فأرتعدت أوصالي وأرتجفت يداي
فأسرعت بما أوتيت من قوة
كي أصل الغابة قبل أن ينزل المطر
ها أنا أدخلها وكلي أمل
بأن أرجع حاملا ولو نصف كارة من الحطب
فأحتطبت بشكل عشوائي
وجمعت مايكفيني
وضعته على الحبل
وشددته من أربع جهات
كي أحافظ على توازني عند حملي أياه على ظهري
فجلست قليلا وشعلت سيجارتي
وكأني كمقاتل في ساحة المعركة
أبلى بلاءاً حسنا ويشعر بنشوة النصر
نعم هكذا تصورت نفسي وقتها
وعندما أنتهيت ؟
حملت حطبي وفأسي وفانوسي وتوجهت نحو بيتي
وعند منتصف الطريق
حدث مالم يكن بالحسبان
هبت عاصفة من جديد أنطفأ من خلالها فانوسي
فباتت رجلاي تتعثر واحدة بالآخرى
وبدأ المطر ينزل بغزارة
وكأن الأرض عطشى حد الظمأ
فتبلل الحطب الذي أحمله
حينها وقفت متحيرا ً والحسرة تكاد تحرق بواطن صدري
لافانوساً أرى به طريقي
ولاحطباً أملأ منه موقدي الفارغ
فجلست أندب حظي العاثر
وتألمت كثيرا وأنشدت ماقاله الشاعر
أن حظي كدقيق فوق شوك ٍ نثروه
ثم قالوا لحفاة يوم ريح أجمعوه
وتذكرت جيدا ْ ماحكاه لي أبي رحمه الله وأنا في سن الصغر
وكنت مصاباً بالأرق ولايسعني النوم
فقص لي هذه الحكاية
قال ياولدي ؟
كانت في ضفة النهر أمرأة ومعها طفلين وتريد أن تعبر بهما الضفة الأخرى من النهر
فوجدت زورقاً صغيرا ً يملكه رجلاً يصطاد السمك يعتاش منه هو وعائلته
فصاحت عليه عماه هل لك أن تأخذني الى الضفة الاخرى كي أصل أنا وطفلاي الى أهلي قبل حلول الظلام
فقال لها على الرحب والسعى
ولكن هنالك مشكلة صغيرة ياأبنتي
فقالت وماهي ؟
قال لها الزورق صغير ولايتسع الا لثلاثة أشخاص فقط
قالت وماالعمل ياعماه
قال تعبرين بطفل واحد
وعند الرجوع نأخذ الثاني
فوقفت متحيرة ً لاتعرف ماتعمل
فقال لها يجب أن تسرعي والا داهمنا الوقت
فقبلت أبنها الأكبر من جبينه وقالت له كن قوياً وصبوراً سأعبر بأخيك الصغير
ثم سأعود كي أخذك معي فلاتخف
فركبت وأبنها الكبير أغرورقت عيناه دون أن تلمحه هي
فوصلت الى الضفة الأخرى بأمان
وأنزلت صغيرها وقالت أنتظرني ولاتتحرك ماهي ألا دقائق معدودة وأكون أنا وأخيك معك
ركبت من جديد فوصلت منتصف النهر
وأذا بملك الموت عليه السلام يقبض روحها
الولد الأكبر في ضفة
والأصغر في ضفة أخرى
وكأني بلسان حالها يقول
أنا التي فرقت بينكما وأنا التي داركتني المنية دون أن تلتقيا من جديد
ولداي أذكراني بخير
فلم يكن الأمر بيدي
وحاولا أن تلما شملكما بأسرع وقت
كي تهدأ حرارة قلبي
وتسكن أوجاع روووحي
نعم هذا هو حال الدنيا
فلو دامت لغيرنا لما وصلت ألينا
أنتهى الكلام ؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صراع الهوى....أ.ابتسام المياحي

  صراع الهوى ويسألني للودِ حسمتُ ولطيف ألهوى كتمتُ أقولُ وألرماحِ تدقُ بغرامُكَ أنا ابتليتُ خرساء قواي جارحة بزم...